
كشفت نتائج تجربة سريرية جديدة ظهور علاج ثوري لمرض السل قد يرفع معدلات الشفاء التام بشكل ملحوظ، ويقصّر مدة العلاج بأشهر عدة، ما يمثل بارقة أمل كبيرة في مواجهة أحد أخطر الأمراض المعدية عالمياً.
10.7 مليون مُصاب بالسل في 2024
وفي عام 2024 أصيب نحو 10.7 مليون شخص بالسل حول العالم، توفي منهم 1.23 مليون مريض، وفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية السنوي الذي صدر الأسبوع الماضي. وأكدت المنظمة أن السل لا يزال «مشكلة صحية عامة عالمية كبرى» ويحتل المرتبة الأولى بين الأمراض المعدية القاتلة.
وحذرت المنظمة من أن تخفيضات المساعدات الدولية تهدد التقدم المحرز، وأن العالم ما زال بعيداً عن تحقيق هدف الأمم المتحدة المتمثل في القضاء على السل كتهديد صحي عام بحلول نهاية العقد الحالي.
نتائج واعدة لمضاد حيوي جديد
وفي مؤتمر الاتحاد العالمي لصحة الرئة المنعقد في كوبنهاغن أمس (الأربعاء)، أعلن تحالف السل (TB Alliance) نتائج واعدة لمضاد حيوي جديد يُدعى «سورفيكويلين» (Sorfequiline)، وأظهر الدواء فعالية أقوى بكثير ضد بكتيريا السل مقارنة بالعلاجات الحالية، مع ملف أمان مماثل.
شملت التجربة السريرية (المرحلة الثانية) 309 مرضى في 22 موقعاً بجنوب أفريقيا والفلبين وجورجيا وتنزانيا وأوغندا، جميع المشاركين كانوا مصابين بنوع السل «الحساس للأدوية»، لكن الباحثين يعتقدون أن الدواء الجديد سينجح أيضاً مع الحالات المقاومة للعلاجات التقليدية.
وبحسب صحيفة «الغارديان» قالت نائبة رئيس تحالف السل الدكتورة ماريا بومونت: «يمكننا الآن أن نبدأ العلاج فور تشخيص المريض دون انتظار نتائج فحوصات تحدد نوع المقاومة، لن نحتاج بعد اليوم إلى تصنيف المريض (حساس أم مقاوم) قبل اختيار العلاج المناسب».
وفي كثير من الدول، تظل اختبارات التشخيص السريعة للسل غير متوفرة، وقد تستغرق نتائج المختبرات أياماً أو أسابيع، ما يؤخر بدء العلاج المناسب.
من جانبه، أعرب قائد موقع البحث السريري في معهد أوروم بمدينة روستنبرغ في جنوب أفريقيا الدكتور ويليام برومسكين عن أمله في أن يؤدي نظام علاجي عالمي أقصر وأقل آثاراً جانبية إلى تقليل عدد زيارات المرضى للعيادات، وبالتالي منح مقدمي الرعاية الصحية وقتاً أكبر لرعاية كل مريض على حدة.
أشهر شاقة من العلاج
يُذكر أن مرضى السل المقاوم للأدوية كانوا حتى عقد مضى يخضعون لعلاج شاق يستمر 18 شهراً أو أكثر، يتضمن حقناً متكررة وإقامة طويلة في المستشفى، ولا تتجاوز نسبة الشفاء فيه 50%.
أما العلاج المعياري الحالي (منذ 2019) فيعالج 90% من الحالات خلال 6 أشهر فقط. ويأمل الباحثون أن يتفوق «سورفيكويلين» على هذا الرقم.
وقالت الدكتورة بومونت إن الأطباء في المواقع المشاركة كانوا يتبادلون قصصاً مذهلة قبل صدور النتائج النهائية: «مريض تماثل للشفاء بسرعة غير مسبوقة.. لا أعرف في أي ذراع من التجربة كان، لكنني لم أرَ مثل هذا من قبل».
فيما أعلن تحالف السل أنه يخطط لإطلاق المرحلة الثالثة من التجارب السريرية في عام 2026.
علاج أسرع وأكثر فعالية
من جانبه، رحّب كبير المسؤولين العلميين في الاتحاد الدولي لمكافحة السل وأمراض الرئة الدكتور كافيندران فيلين باحتمال وجود علاج أسرع وأكثر فعالية، مؤكداً أنه سيرفع نسبة إتمام المرضى للعلاج ويقلل مدة العدوى.
لكنه حذّر في الوقت نفسه من مخاطر تطبيق علاج «عالمي» على الجميع دون تمييز، قد يؤدي إلى تراجع الاستثمار في تطوير المختبرات والاختبارات التشخيصية الدقيقة، وقال: «لا نريد أن نعالج نملة بمطرقة ثقيلة.. يجب ألا نعرّض المريض لدواء أقوى مما يحتاجه جسمه فعلياً».