تشهد دولة الإمارات نمواً سكانياً متسارعاً بفضل الإنجازات الاقتصادية والتطور المستمر، إلى جانب ازدهار قطاع السياحة الذي يجذب ملايين الزوار سنوياً، ما أدى إلى زيادة أعداد المراجعين لأقسام الطوارئ في المستشفيات، وعلى الرغم من كفاءة القطاع الصحي، وما يتمتع به من مرافق طبية متطورة وخدمات رعاية عالية المستوى، إلا أن بعض أقسام الطوارئ يواجه ضغطاً متزايداً خلال أوقات الذروة، ما يؤدي إلى تأخير نسبي في تقديم الخدمات، وطول فترات انتظار المراجعين، بما يضمن توفير الخدمات بأعلى مستوى من الجودة والكفاءة وتلبية احتياجات مختلف الأفراد في ضوء تطور القطاع الصحي الذي يتسم بالريادة والاستدامة.
وكشفت أحدث الإحصاءات الصادرة عن مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية لأعداد مراجعي أقسام الطوارئ، واطلعت «الإمارات اليوم» على نسخة منها، عن ارتفاع أعداد مراجعي أقسام الطوارئ في 16 مستشفى تابعاً لها خلال العام الماضي 2024، حيث بلغ إجمالي عدد المراجعين 731 ألفاً و581 مراجعاً، مقارنة بـ701 ألف و772 مراجعاً في عام 2023، ما يمثل زيادة قدرها 29 ألفاً و809 آلاف مراجعاً، وبنسبة نمو 4.2% خلال عام واحد.
وتوزع عدد زيارات مرضى الطوارئ خلال عام 2024، بواقع 6616 مراجعاً في دبي، و339 ألفاً و88 مراجعاً في الشارقة، و34 ألفاً و654 مراجعاً في أم القيوين، و195 ألفاً و518 مراجعاً في رأس الخيمة، و155 ألفاً و705 آلاف مراجعاً في الفجيرة.
وقال عدد من الأطباء المتخصصين لـ«الإمارات اليوم» إن الزيادة في أعداد مراجعي الطوارئ، خلال العام الماضي، ترجع لأسباب عدة، منها ثقة أفراد المجتمع بقدرة وإمكانات أقسام الطوارئ في التعامل مع مختلف الحالات الطارئة، وامتلاك جميع العاملين في الدولة تأميناً صحياً، إلى جانب سرعة التشخيص في أقسام الطوارئ، إضافة إلى الزيادة الموسمية للحالات الطارئة من المرضى نتيجة تغيرات الطقس.
وأضافوا أن أقسام الطوارئ تشهد ضغطاً متزايداً خلال فترات الذروة (من بعد الساعة الرابعة وحتى 11 مساءً)، خصوصاً لفئات كبار السن والأطفال، إلى جانب نقص الوعي بالخدمات الصحية الأولية المتاحة في المراكز الصحية أو العيادات التخصصية، ما يؤدي إلى لجوء بعض المرضى إلى الطوارئ حتى في الحالات غير الطارئة، الأمر الذي يستدعي تنظيم العمل بشكل دقيق، وتوفير كوادر طبية مؤهلة وإدارة متقنة، بما في ذلك تصنيف المرضى وفق حالاتهم الصحية، لضمان تقديم الرعاية المناسبة في الوقت المناسب، والتعامل مع هذا الضغط بسرعة وكفاءة.
واقترحوا أربعة حلول مبتكرة للتعامل مع هذه الزيادة، هي: إطلاق أو تطوير خدمات استشارات صحية جديدة (عن بُعد)، خاصة بأقسام الطوارئ فقط، لتوجيه المرضى للحلول المناسبة قبل التوجه للطوارئ، وتعزيز خدمات الفرز السريع داخل الطوارئ لتحديد الأولويات الطبية والحالات التي تحتاج لتدخل طبي فوري بفاعلية من خلال الأطقم الطبية المتخصصة، وتوسيع نطاق خدمات الرعاية العاجلة خارج المستشفيات عبر المراكز الصحية المتخصصة، وتوظيف المزيد من الكوادر الطبية المؤهلة لتخفيف الضغط على الطواقم الحالية، وتهدف هذه الحلول إلى تحسين كفاءة خدمات الطوارئ، وتقليل فترات الانتظار، مع ضمان تقديم رعاية صحية فعّالة وسريعة.
ثقة كبيرة
وتفصيلاً، أكد استشاري ورئيس قسم طب الطوارئ، بمدينة برجيل الطبية، الدكتور نضال شاويش، أن الرعاية الصحية المقدمة في دولة الإمارات تُعد من بين الأفضل عالمياً، حيث تسعى الدولة لتوفير خدمات صحية على أعلى مستوى، مشيراً إلى أن النمو السكاني في الدولة يسهم في زيادة سنوية في أعداد المرضى، حيث يتماشى هذا الارتفاع مع المعدلات العالمية بنسبة تصل إلى 5% سنوياً، نتيجة للزيادة السكانية والعدد المتزايد للمقيمين في الدولة.
وأضاف أن الثقة الكبيرة التي تحظى بها الكوادر الطبية العاملة في دولة الإمارات، إلى جانب قدرة المستشفيات على التعامل مع أي حالة صحية، تسهم في زيادة الإقبال على أقسام الطوارئ، ما يعزز الثقة بنظام الرعاية الصحية، نتيجة توافر مختلف التخصصات الطبية التي قد يحتاج إليها المرضى في أقسام الطوارئ في أنحاء الدولة، ما يسهم في توفير العلاج بسرعة وفاعلية.
ولفت إلى أن أقسام الطوارئ تشهد ضغطاً متزايداً خلال فترات الذروة، خاصة من بعد الساعة الرابعة حتى الساعة الـ11 ليلاً، مضيفاً أن كبار السن والأطفال هم الفئة الأكثر زيارة خلال هذه الفترات، ما يستدعي تنظيم العمل بشكل دقيق، وتوفير كوادر طبية مؤهلة وإدارة متقنة، بما في ذلك تصنيف المرضى وفق حالاتهم الصحية، لضمان تقديم الرعاية المناسبة في الوقت المناسب، والتعامل مع هذا الضغط بسرعة وكفاءة.
وفي إطار الحلول للتعامل مع هذا الضغط، اقترح الدكتور شاويش أربعة حلول رئيسة، تشمل التوعية المجتمعية ببدائل الطوارئ، مثل المراكز الصحية والعيادات التخصصية، وتطوير أنظمة الفرز السريع للحالات بمجرد دخولها إلى أقسام الطوارئ، من خلال طاقم متخصص، لضمان سرعة التعامل مع الحالات الطارئة، وتعزيز الخدمات الرقمية مثل الاستشارات «عن بُعد»، والتطبيقات الذكية التي تساعد على تقييم الحالات الصحية قبل التوجه إلى الطوارئ، وزيادة الكوادر الطبية المتخصصة في أقسام الطوارئ لتلبية الاحتياجات المتزايدة.
وأشار إلى أن بعض المستشفيات يعمل حالياً على تمديد ساعات العمل في العيادات التخصصية وعيادات طب الأسرة، لاستقبال المرضى الذين لا يحتاجون إلى دخول أقسام الطوارئ، وبالتالي تقليل الضغط على هذه الأقسام، مؤكداً أن هذه المبادرات تهدف إلى تحويل المراجعين الذين لا يحتاجون إلى دخول الطوارئ إلى العيادات المتخصصة، ما يسهم في تقليل الازدحام على أقسام الطوارئ.
أمراض موسمية
من جانبه، قال استشاري ورئيس قسم طوارئ، الدكتور يوسف عبود، إن دولة الإمارات كونها وجهة سياحية عالمية، تستقطب الملايين من السياح سنوياً، ما يزيد من عدد الحالات التي تتطلب التدخل الطبي الفوري، سواء كانت إصابات أو أمراض مفاجئة أثناء الإقامة، كما أن الحوادث المرورية، رغم الجهود الكبيرة لتحسين السلامة المرورية، تسهم في زيادة المراجعات لأقسام الطوارئ.
وأوضح أن الزيادة في أعداد المرضى في أقسام الطوارئ تكون غالباً موسمية، حيث يرتبط هذا التزايد بتغيرات الطقس وتغير فصول السنة، فضلاً عن الأمراض الموسمية المختلفة، لافتاً إلى أن الفترة الحالية تشهد تزايداً في الحالات التنفسية المرتبطة بارتفاع الحرارة والحمى وغيرها من الأمراض الموسمية.
وأضاف أن زيادة عدد مراجعي أقسام الطوارئ في المستشفيات تعود إلى عوامل عدة، أبرزها نقص الوعي بالخدمات الصحية الأولية المتاحة في المراكز الصحية أو العيادات التخصصية، ما يؤدي إلى لجوء بعض المرضى إلى الطوارئ حتى في الحالات غير الطارئة، إضافة إلى التغيرات في نمط الحياة نتيجة قلة النشاط البدني وزيادة الاعتماد على الوجبات السريعة، ما يتسبب في زيادة الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب والتي تتطلب تدخلاً طارئاً في حال تفاقمها.
خدمات عالية الجودة
وأكد طبيب طوارئ أحمد سمير، أن دولة الإمارات تتمتع بسمعة طيبة في تقديم خدمات صحية عالية الجودة، ما يجعلها وجهة للعلاج من دول مجاورة، إضافة إلى توفر نظام التأمين الصحي لجميع العاملين في الدولة، ما يمنحهم زيارة أقسام الطوارئ في أي وقت دون موعد مسبق لتلقي العلاج، وهذا قد يزيد من الضغط على أقسام الطوارئ التي حرصت الجهات الصحية على تجهيزها بأحدث التقنيات لعلاج المرضى، ما يجعلها الخيار الأول للأفراد في الحالات الصحية الطارئة، وقال إن تأخر مراجعي أقسام الطوارئ في بعض الأحيان يرجع إلى أن هناك حالات أخرى أكثر حرجاً تتطلب تدخلاً عاجلاً من جميع الأقسام الطبية والممرضين، حيث يعتمد قسم الطوارئ على إعطاء الأولوية للحالات التي تشكل تهديداً مباشراً للحياة أو التي تتطلب تدخلاً سريعاً لمنع حدوث مضاعفات خطرة، لذا قد ينتظر المرضى في حالات أقل حرجاً حتى تتم معالجة الحالات الأكثر خطورة، ما يؤدي إلى تأخرهم في تلقي الرعاية، ويعتمد هذا الترتيب على مبدأ «التصنيف حسب الأولوية»، حيث يتم تقديم العلاج بناءً على شدة الحالة الصحية للمريض.
وأشار إلى أن نقص الكوادر الطبية في العيادات الخارجية يؤدي إلى توجيه المرضى إلى أقسام الطوارئ حتى في الحالات غير الطارئة، لافتاً إلى أن العمالة المقيمة، التي قد تواجه صعوبات في الوصول إلى الخدمات الصحية بسبب الحواجز اللغوية والثقافية، تميل إلى اللجوء إلى الطوارئ بشكل أكبر، مؤكداً ضرورة زيادة أعداد الكوادر الطبية في كل أقسام المستشفيات، لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المرضى.
«الإمارات الصحية»:
. %4.2 نسبة زيادة المراجعين في 16 مستشفى خلال 2024.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news