• Mon. Jun 30th, 2025

24×7 Live News

Apdin News

علي الكردي.. ذاكرة التعليم وقلم القرية – أخبار السعودية

Byadmin

Jun 29, 2025



علي بن محمد الكردي الغامدي صوت تربوي وروائي ينبض بذاكرة الجبل وسيرة القرية ظل على امتداد عقود يكتب الحياة كما عاشها ويعلم كما لو أنه يروي فصولاً من كتاب مفتوح، ولد في قرية الريحان ببني ظبيان وسار مبكرا نحو نور التعليم حين كانت المدارس حلماً وسبورة الطين نافذة للمعرفة. بدأ تلميذاً في مدرسة بني ظبيان ثم عاد إليها معلماً ثم مديراً ثم موجهاً تربوياً. انتقل بين الباحة والطائف ومكة المكرمة حاملا رسالته التعليمية بعزم المؤمن بقيمة الكلمة وسلطة القلم لم تكن رحلته في التعليم مجرد وظيفة بل كانت حياة كاملة آمن فيها بأن التربية لا تلقن بل تعاش وأن المعلم ليس ناقلاً للمعلومة بل صانع للوعي وهادٍ للطريق.

في رحلته التعليمية كان للرواد الأوائل أثر بالغ في تشكيل وعيه وتوجيه خطواته، وكان في مقدمتهم الشيخ سعد بن عبدالله المليص الذي فتح بيته للعلم واحتضن طلاب الريحانية ليواصلوا تعليمهم الثانوي عندما كانت الباحة تفتقر إلى المدارس العليا، كما كان للدكتور سعيد بن محمد المليص حضوره الملهم في مسيرة التعليم ورفقة الدرب في بدايات التكوين، حيث ربطتهما زمالة مبكرة ومواقف لا تنسى في طريق البناء التربوي.

وإلى جوار هذا العطاء التربوي الكبير ظل علي الكردي يكتب نصوصه كما لو أنه يعيد ترتيب أيامه على الورق فأصدر روايته طارق في معترك الحياة، وهي شهادة حية على صراعات الجيل الأول وتحولاته ومرآة لقيم تربوية وأخلاقية أصيلة انطلقت من بيئته القروية وتجاربه الحياتية وقد بدأها بنداء صادق يقول فيه «يجب على كل واحد منا أن يقوم بواجبه تجاه خالقه ويخلص العمل لله وحده لا شريك له، فلا ينفع المرء إلا ما كسبت يداه، وكل نفس بما كسبت رهينة»، لتكون الرواية بوابة لرسائل شبابية وتربوية تكرس مفاهيم الجد والاجتهاد والصدق مع النفس ومقاومة العقبات بالتوكل والعمل.

علي الكردي هو المعلم الأصيل والحكاء الصادق والمؤرخ الشعبي الذي جمع بين الطباشير والورق وبين الموقف والتأمل وبين قاعة الدرس وصفحة الرواية ومضى حاملاً رسالة لا تمحى في وعي من تتلمذوا على يديه أو قرؤوا له أو سمعوا صوته وهو يسرد بهدوء حكاية وطن صغير اسمه «بني ظبيان» وحكاية وطن كبير اسمه التعليم.

ورغم تقاعده في بداية عام 1400 إلا أن صوته لم يغب عن المشهد، بل ظل متابعاً ومشاركاً ومؤثراً بقلمه وذاكرته فامتزجت تجربته التربوية بإبداعه الأدبي ليشكل جسراً نبيلاً يربط بين أجيال البدايات وأبناء الحاضر ويذكر الجميع بأن التعليم كان ولا يزال رسالة لا ينطفئ نورها.

واليوم، وبعد هذا التاريخ المجيد لا يزال منزله في مكة المكرمة، وفي قريته في جبال الباحة الشاهقة، عامرين بالضيوف والأصدقاء وأبناء القرية، وقد تحولا إلى مجلس أدبي وملتقى ثقافي تنبعث منه روح الوفاء والكرم والمروءة. ولا يتوانى، رغم تقدمه في السن، عن أداء واجباته الاجتماعية بكل تواضع واحتساب، فهو يعد نموذجاً حياً للقدوة الحسنة التي يقتدي بها شباب القرية، ويكبرون فيها معنى الوفاء والعطاء والبذل في صمت ورضا.

أخبار ذات صلة

 



By admin